للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّافِعُ وَلَا الْمَشْفُوعُ لَهُ وَلَا الْمَشْفُوعُ إلَيْهِ. وَلَوْ عَلِمَ الشَّافِعُ وَالْمَشْفُوعُ لَهُ أَنَّهَا تُرَدُّ: لَمْ يَفْعَلُوهَا. وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَةُ: هِيَ النَّافِعَةُ. بَيَّنَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} وَقَوْلِهِ {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} فَنَفَى الشَّفَاعَةَ الْمُطْلَقَةَ وَبَيَّنَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. وَهُوَ الْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ بِمَعْنَى: أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ. وَأَجَازَهُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} وَقَوْلِهِ {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} وَقَوْلِهِ {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ {إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} هُوَ إذْنٌ لِلْمَشْفُوعِ لَهُ. فَلَا يَأْذَنُ فِي شَفَاعَةٍ مُطْلَقَةٍ لِأَحَدِ. بَلْ إنَّمَا يَأْذَنُ فِي أَنْ يَشْفَعُوا لِمَنْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فِيهِ. قَالَ تَعَالَى {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلَّا هَمْسًا} {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} وَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ: إلَّا شَفَاعَةَ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ. وَقِيلَ: لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ. فَهُوَ الَّذِي تَنْفَعُهُ الشَّفَاعَةُ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ. لَا يَذْكُرُونَ غَيْرَهُ