شَفَاعَتُهُ: كَانَتْ كَعَدَمِهَا وَكَانَ عَلَى صَاحِبِهَا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ مِنْهَا. كَمَا قَالَ نُوحٌ {رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وَكَمَا نَهَى اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ. وَقَالَ لَهُ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} وَقَالَ لَهُ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} . وَلِهَذَا قَالَ عَلَى لِسَانِ الْمُشْرِكِينَ {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} . فَالشَّفَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ: هِيَ شَفَاعَةُ الْمُطَاعِ الَّذِي تُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ. وَهَذِهِ لَيْسَتْ لِأَحَدِ عِنْدَ اللَّهِ إلَّا بِإِذْنِهِ قَدَرًا وَشَرْعًا. فَلَا بُدَّ أَنْ يَأْذَنَ فِيهَا. وَلَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ شَافِعًا. فَهُوَ الْخَالِقُ لِفِعْلِهِ وَالْمُبِيحُ لَهُ كَمَا فِي الدَّاعِي: هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الدَّاعِيَ دَاعِيًا فَالْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ خَلْقًا وَأَمْرًا. كَمَا قَالَ {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} . وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ - ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ - أَنَّهُ قَالَ {فَمَنْ يَثِقُ بِهِ فَلْيَدَعْهُ} أَيْ فَلَمْ يَبْقَ لِغَيْرِهِ لَا خَلْقٌ وَلَا أَمْرٌ. وَلَمَّا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّفَاعَةِ الْمُثْبَتَةِ: هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمُطْلَقَةُ وَهِيَ الْمَقْصُودُ بِالشَّفَاعَةِ وَهِيَ الْمَقْبُولَةُ بِخِلَافِ الْمَرْدُودَةِ. فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُرِيدُهَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute