وَالصَّادِرُ عَنْهُمْ إمَّا قَوْلٌ وَإِمَّا عَمَلٌ فَالْقَوْلُ لَا يَسْبِقُونَهُ بِهِ بَلْ لَا يَقُولُونَ حَتَّى يَقُولَ وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنْ ارْتَضَى وَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ مَعَهُ وَمَعَ رُسُلِهِ هَكَذَا فَلَا نَقُولُ فِي الدِّينِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا نَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا نَعْبُدُهُ إلَّا بِمَا أَمَرَ وَأَعْلَى مِنْ هَذَا أَنْ لَا نَعْمَلَ إلَّا بِمَا أَمَرَ فَلَا تَكُونُ أَعْمَالُنَا إلَّا وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَكَيْفَ بِمَنْ تَوَكَّلَ أَوْ رَجَا أَسْبَابًا غَيْرَ هَذِهِ مِنْ الْكَوَاكِبِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْ أَفْعَالِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الْمُلُوكِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالْأَصْحَابِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْمَمَالِيكِ وَالْأَتْبَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ: مَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. قَالُوا: الِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ. وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ وَإِنَّمَا التَّوَكُّلُ وَالرَّجَاءُ مَعْنًى يَتَأَلَّفُ مِنْ مُوجِبِ التَّوْحِيدِ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الِالْتِفَاتَ إلَى السَّبَبِ هُوَ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَيْهِ وَرَجَاؤُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ شُرَكَاءَ وَأَضْدَادٍ وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَإِنْ لَمْ يُسَخِّرْهُ مُسَبِّبُ الْأَسْبَابِ لَمْ يُسَخَّرْ وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَأَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْأَفْلَاكَ وَمَا حَوَتْهُ لَهَا خَالِقٌ مُدَبِّرٌ غَيْرَهَا وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْدُرُ عَنْ فَلَكٍ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ مَلَكٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِإِحْدَاثِ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute