وَلَوْ وَصَلَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ بِهِ بِلَا رَيْبٍ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَمْ يَصِلْهُ بِلَفْظِ دَيْنٍ وَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ نِزَاعٌ. فَإِذَا وَصَلَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفِ. فَقَالَتْ: قَبِلْت. أَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفِ. فَقَالَ: طَلَّقْتُك. كَانَ هَذَا طَلَاقًا مُقَيَّدًا بِالْعِوَضِ؛ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الطَّلَاقَ الْمُطْلَقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ جَعَلَهُ اللَّهُ رَجْعِيًّا وَجَعَلَ فِيهِ تَرَبُّصَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ؛ وَجَعَلَهُ ثَلَاثًا. فَأَثْبَتّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ.
وَهَذَا لَيْسَ بِرَجْعِيٍّ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَلَا تَتَرَبَّصُ فِيهِ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ بِالسُّنَّةِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُجْعَلَ مِنْ الثَّلَاثِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى " الطَّلَاقِ " عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ وَإِنَّمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ مَعَ قَيْدٍ كَمَا يُسَمَّى الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ " نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " فَيُسَمَّى نَذْرًا مُقَيَّدًا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ النَّذْرِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ الْأَيْمَانِ؛ لَا مِنْ النُّذُورِ: عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْمَاءِ " عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَنِيَّ؛ وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى مَاءً مَعَ التَّقْيِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} . وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْخُفِّ " لَا يَتَنَاوَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْمَقْطُوعَ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ خُفٌّ مَقْطُوعٌ. فَلَا يَدْخُلُ الْمَقْطُوعُ فِي لَفْظِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute