للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ ظَنَّ أَنَّ كُسُوفَهَا كَانَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ مَاتَ فَخَطَبَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: {إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ} . وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ {وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ} . وَهَذَا بَيَانٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا سَبَبٌ لِنُزُولِ عَذَابٍ بِالنَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا يُخَوِّفُ عِبَادَهُ بِمَا يَخَافُونَهُ إذَا عَصَوْهُ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَإِنَّمَا يَخَافُ النَّاسُ مِمَّا يَضُرُّهُمْ فَلَوْلَا إمْكَانُ حُصُولِ الضَّرَرِ بِالنَّاسِ عِنْدَ الْخُسُوفِ مَا كَانَ ذَلِكَ تَخْوِيفًا قَالَ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إلَّا تَخْوِيفًا} وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُزِيلُ الْخَوْفَ، أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِالنَّاسِ وَصَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْكُسُوفِ صَلَاةً طَوِيلَةً.

وَقَدْ رُوِيَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنْوَاعٌ؛ لَكِنَّ الَّذِي اسْتَفَاضَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهُوَ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ يَقْرَأُ قِرَاءَةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا دُونَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ قِرَاءَةً طَوِيلَةً دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ثُمَّ يَرْكَعُ رُكُوعًا دُونَ الرُّكُوعِ