فَجَوَّزَ لِلْمُشْتَرِي اشْتِرَاطَ زِيَادَةٍ عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ. وَيَمْلِكَانِ اشْتِرَاطَ النَّقْصِ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {عَنْ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ} " فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهَا إذَا عُلِمَتْ. وَكَمَا اسْتَثْنَى جَابِرٌ ظَهْرَ بَعِيرِهِ إلَى الْمَدِينَةِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا أَعْلَمُهُ عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ. مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ الدَّارَ إلَّا رُبُعَهَا أَوْ ثُلُثَهَا وَاسْتِثْنَاءُ الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ إذَا أَمْكَنَ فَصْلُهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ. مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ ثَمَرَ الْبُسْتَانِ إلَّا نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا أَوْ الثِّيَابَ أَوْ الْعَبِيدَ أَوْ الْمَاشِيَةَ الَّتِي قَدْ رَأَيَاهَا إلَّا شَيْئًا مِنْهَا قَدْ عَيَّنَّاهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا أَوْ اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ شَهْرًا أَوْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ إلَى بَلَدٍ بِعَيْنِهِ مَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ: عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَنْفَعُ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَإِنَّ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا الَّتِي يَمْلِكُهَا الزَّوْجُ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ كَمَا اشْتَرَتْ عَائِشَةُ بَرِيرَةَ وَكَانَتْ مُزَوَّجَةً. لَكِنْ هِيَ اشْتَرَتْهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَمْ تَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيهَا إلَّا بِالْعِتْقِ وَالْعِتْقُ لَا يُنَافِي نِكَاحَهَا. فَلِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ بَرِيرَةَ - يَرَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ طَلَاقُهَا مَعَ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ تَأْوِيلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالُوا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute