وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِمْ اعْتَقَدُوا أَنَّ سَبَبَ الْكُسُوفِ إذَا كَانَ - مَثَلًا - كَوْنَ الْقَمَرِ إذَا حَاذَاهَا مَنَعَ نُورَهَا أَنْ يَصِلَ إلَى الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَلَّلَ ذَلِكَ بِالتَّجَلِّي. وَالتَّجَلِّي الْمَذْكُورُ لَا يُنَافِي السَّبَبَ الْمَذْكُورَ؛ فَإِنَّ خُشُوعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِلَّهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ إذَا حَصَلَ لِنُورِهِ مَا يَحْصُلُ مِنْ انْقِطَاعٍ يَرْفَعُ تَأْثِيرَهُ عَنْ الْأَرْضِ؛ وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ سُلْطَانِهِ وَمَوْضِعِ انْتِشَارِهِ وَتَأْثِيرِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلِكَ الْمُتَصَرِّفَ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ لَوْ مُنِعَ ذَلِكَ لَذَلَّ لِذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} فَالْمُدَبِّرَاتُ هِيَ الْمَلَائِكَةُ. وَأَمَّا إقْسَامُ اللَّهِ بِالنُّجُومِ كَمَا أَقْسَمَ بِهَا فِي قَوْلِهِ: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} {الْجَوَارِي الْكُنَّسِ} فَهُوَ كَإِقْسَامِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ كَمَا أَقْسَمَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: يَقْتَضِي تَعْظِيمَ قَدْرِ الْمُقْسَمِ بِهِ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالْعِبْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ لِلنَّاسِ؛ وَالْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْقُلُوبُ بِهِ أَوْ يُظَنَّ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْعِدُ الْمُنْحِسُ كَمَا لَا يُظَنَّ ذَلِكَ فِي {وَاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى} {وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى} وَفِي {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} وَفِي {وَالطُّورِ} {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. وَاعْتِقَادُ الْمُعْتَقِدِ أَنَّ نَجْمًا مِنْ النُّجُومِ السَّبْعَةِ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِسَعْدِهِ وَنَحْسِهِ اعْتِقَادُهُ فَاسِدٌ وَأَنَّ الْمُعْتَقِدَ أَنَّهُ هُوَ الْمُدَبِّرُ لَهُ: فَهُوَ كَافِرٌ. وَكَذَلِكَ إنْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ دُعَاؤُهُ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ كَانَ كُفْرًا؛ وَشِرْكًا مَحْضًا وَغَايَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute