للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَنَوْا أَصْلَ دِينِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَعْرَاضِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ اضْطَرَبُوا كَثِيرًا كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوَاضِعَ. وَلَا بُدَّ لِكُلِّ مِنْهُمْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ الْمُنَزَّلِ مِنْ السَّمَاءِ إلَى أَنْ يُخَالِفَ أَيْضًا صَرِيحَ الْعَقْلِ وَيُكَابِرَ: فَيَكُونُ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَعْقِلُ. فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ لَوَازِمُ فَإِذَا كَانَ بَاطِلًا فَقَدْ يَسْتَلْزِمُ أُمُورًا بَاطِلَةً ظَاهِرَةَ الْبُطْلَانِ. وَصَاحِبُهُ يُرِيدُ إثْبَاتَ تِلْكَ اللَّوَازِمِ فَيُظْهِرُ مُخَالَفَتَهُ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ. كَاَلَّذِينَ أَثْبَتُوا الْجَوَاهِرَ الْمُنْفَرِدَةَ وَقَالُوا إنَّ الْحَرَكَاتِ فِي نَفْسِهَا لَا تَنْقَسِمُ إلَى سَرِيعٍ وَبَطِيءٍ إذْ كَانَتْ الْحَرَكَةُ عِنْدَهُمْ مُنْقَسِمَةً كَانْقِسَامِ الْمُتَحَرِّكِ وَكَذَلِكَ الزَّمَانُ وَأَجْزَاءُ الزَّمَانِ. وَالْحَرَكَةُ وَالْمُتَحَرِّكُ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ فَإِذَا كَانَ الْمُتَحَرِّكَانِ سَوَاءً وَحَرَكَةُ أَحَدِهِمَا أَسْرَعَ قَالُوا: إنَّمَا ذَاكَ لِتَخَلُّلِ السَّكَنَاتِ. وَادَّعَوْا أَنَّ الرَّحَا وَالدُّولَابَ وَكُلَّ مُسْتَدِيرٍ إذَا تَحَرَّكَ فَإِنَّ زَمَانَ حَرَكَةِ الْمُحِيطِ وَالطَّوْقِ الصَّغِيرِ وَاحِدٌ مَعَ كَثْرَةِ أَجْزَاءِ الْمُحِيطِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ حَرَكَتُهَا أَكْثَرَ فَيَكُونُ زَمَنُهَا أَكْثَرَ وَلَيْسَ هُوَ بِأَكْثَرَ؛