هُوَ النَّقْصُ كَمَا أَنَّ وُجُودَ مَا لَا يَصْلُحُ وُجُودُهُ نَقْصٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأُمُورِ حِينَ اقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ عَدَمَهَا هُوَ النَّقْصُ لَا أَنَّ عَدَمَهَا هُوَ النَّقْصُ. وَلِهَذَا كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِكَمَالِهِ وَمَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِكَمَالِهِ أَيْضًا. فَكَانَ عَدَمُ مَا يَنْفِي عَنْهُ هُوَ مِنْ الْكَمَالِ كَمَا أَنَّ وُجُودَ مَا يَسْتَحِقُّ ثُبُوتَهُ مِنْ الْكَمَالِ. وَإِذَا عُقِلَ مِثْلُ هَذَا فِي الصِّفَاتِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ كُلُّ زِيَادَةٍ يُقَدِّرُهَا الذِّهْنُ مِنْ الْكَمَالِ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الزِّيَادَاتِ تَكُونُ نَقْصًا فِي كَمَالِ الْمَزِيدِ كَمَا يُعْقَلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوْجُودَاتِ. وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ وُجُودُ أَشْيَاءَ فِي حَقِّهِ فِي وَقْتٍ نَقْصًا وَعَيْبًا وَفِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَالًا وَمَدْحًا فِي حَقِّهِ؛ كَمَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ مَضَرَّةً لَهُ وَفِي وَقْتٍ مَنْفَعَةً لَهُ. (الْخَامِسُ أَنَّا إذَا قَدَّرْنَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إحْدَاثِ الْحَوَادِثِ لِحِكْمَةِ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى ذَلِكَ أَكْمَلُ مَعَ أَنَّ الْحَوَادِثَ لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا إلَّا حَوَادِثُ لَا تَكُونُ قَدِيمَةً وَإِذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ أَكْمَلَ وَهَذَا الْمَقْدُورُ لَا يَكُونُ إلَّا حَادِثًا كَانَ وُجُودُهُ هُوَ الْكَمَالَ وَعَدَمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْكَمَالِ إذْ عَدَمُ الْمُمْتَنِعِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي وُجُودِ الْكَمَالِ مِنْ الْكَمَالِ. ثُمَّ هُمْ هُنَا ثَلَاثُ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ تَقُولُ إرَادَتُهُ وَحُبُّهُ وَرِضَاهُ وَنَحْوُ هَذَا قَدِيمٌ وَلَمْ يَزَلْ رَاضِيًا عَمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ مُؤْمِنًا وَلَمْ يَزَلْ سَاخِطًا عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute