وَأَمَّا خَلْقُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ وَرِزْقُهُ إيَّاهُمْ وَإِجَابَتُهُ لِدُعَائِهِمْ وَهِدَايَتُهُ لِقُلُوبِهِمْ وَنَصْرُهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ فَهَذَا لِلَّهِ وَحْدَهُ يَفْعَلُهُ بِمَا يَشَاءُ مِنْ الْأَسْبَابِ لَا يَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذَا وَسَاطَةُ الرُّسُلِ. ثُمَّ لَوْ بَلَغَ الرَّجُلُ فِي " الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ " مَا بَلَغَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنِ وَلَا وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعُبَّادِهِمْ: وَكَذَلِكَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ كَانَ مِنْ حُكَمَاءِ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ وَلَهُ عِلْمٌ أَوْ زُهْدٌ وَعِبَادَةٌ فِي دِينِهِ وَلَيْسَ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَإِنْ ظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلَّهِ كَمَا كَانَ حُكَمَاءُ الْفَرَسِ مِنْ الْمَجُوسِ كُفَّارًا مَجُوسًا.
وَكَذَلِكَ حُكَمَاءُ " الْيُونَانِ " مِثْلُ أَرِسْطُو وَأَمْثَالِهِ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَالْكَوَاكِبَ وَكَانَ أَرِسْطُو قَبْلَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ وَزِيرًا لِلْإِسْكَنْدَرِ بْنِ فَيَلْبَس الْمَقْدُونِيِّ وَهُوَ الَّذِي تُؤَرِّخُ بِهِ تَوَارِيخُ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتُؤَرِّخُ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؛ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ أَرِسْطُو كَانَ وَزِيرًا لِذِي الْقَرْنَيْنِ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ ذَاكَ اسْمُهُ الْإِسْكَنْدَرُ وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى بِالْإِسْكَنْدَرِ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا ذَاكَ كَمَا يَظُنُّهُ ابْنُ سِينَا وَطَائِفَةٌ مَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute