للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَنْعِ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْبَيْعِ ضَرَرٌ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الضَّرَرِ الْيَسِيرِ بِوُقُوعِهِمْ فِي الضَّرَرِ الْكَثِيرِ بَلْ يُدْفَعُ أَعْظَمُ الضَّرَرَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا وَلِهَذَا لَمَّا نَهَاهُمْ عَنْ الْمُزَابَنَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ نَوْعِ رِبَا أَوْ مُخَاطَرَةٍ فِيهَا ضَرَرٌ أَبَاحَهَا لَهُمْ فِي الْعَرَايَا لِلْحَاجَةِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ أَشَدُّ وَكَذَلِكَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْمَيْتَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ خُبْثِ التَّغْذِيَةِ أَبَاحَهَا لَهُمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَوْتِ أَشَدُّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؟ قِيلَ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْفَرْعَ اُخْتُصَّ بِوَصْفِ أَوْجَبَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِ فَكُلُّ فَرْقٍ صَحِيحٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ اسْتَوَيَا فِي الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ وَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا فَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا. فَفِي الْجُمْلَةِ: الشَّيْءُ إذَا شَابَهَ غَيْرَهُ فِي وَصْفٍ وَفَارَقَهُ فِي وَصْفٍ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِ الْفَارِقِ مُخَالِفًا لِاسْتِوَائِهِمَا بِاعْتِبَارِ الْجَامِعِ لَكِنَّ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ طَرْدًا وَعَكْسًا وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَأَمَّا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ مَعَ افْتِرَاقِهِمَا فِيمَا يُوجِبُ الْحُكْمَ وَيَمْنَعُهُ فَهَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ. وَالشَّرْعُ دَائِمًا يُبْطِلُ الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ كَقِيَاسِ إبْلِيسَ وَقِيَاسِ