للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْمُحْتَجُّونَ عَلَى الْقَدَرِ بِإِسْقَاطِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فَهَؤُلَاءِ يُشْبِهُونَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إنْ تَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إلَّا تَخْرُصُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إنْ هُمْ إلَّا يَخْرُصُونَ} فَهَؤُلَاءِ الْمُحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ عَلَى سُقُوطِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ جِنْسِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ وَهُمْ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمَجُوسِ وَهَؤُلَاءِ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ آدَمَ احْتَجَّ عَلَى مُوسَى بِالْقَدَرِ عَلَى الذَّنْبِ وَأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِخَاصَّةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمُشَاهِدِينَ لِلْقَدَرِ وَهَذَا ضَلَالٌ عَظِيمٌ؛ فَإِنَّ مُوسَى إنَّمَا لَامَ آدَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَحِقَتْ الذُّرِّيَّةَ بِسَبَبِ أَكْلِهِ مِنْ الشَّجَرَةِ فَقَالَ: {لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنْ الْجَنَّةِ} ؟ وَالْعَبْدُ مَأْمُورٌ عِنْدَ الْمَصَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ لِلْقَدَرِ فَإِنَّ سَعَادَةَ الْعَبْدِ أَنْ يَفْعَلَ الْمَأْمُورَ وَيَتْرُكَ الْمَحْظُورَ وَيُسَلِّمَ لِلْمَقْدُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: