مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي إقَامَةِ الدِّينِ وَقَمْعِ أَعْدَائِهِ وَإِظْهَارِهِ وَإِعْلَائِهِ أَعْظَمُ مِنْ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَحْوَجَ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ أَنَّ هَذِهِ الْقُيُودَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ دُونَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَا نَقَلَهُ مِنْ مَذْهَبِ عُمَرَ. فَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ بِمَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ وَسِيرَةِ الْخُلَفَاءِ فِي الْعَطَاءِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَفِيهَا لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَحَدُهَا - وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - أَنَّهُ يَجِبُ قَسْمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ إلَّا أَنْ يَسْتَطِيبَ أَنْفُسُهُمْ فَيَقِفُهَا وَذُكِرَ فِي " الْأُمِّ " أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِوَقْفِهَا مِنْ غَيْرِ طِيبِ أَنْفُسِهِمْ نُقِضَ حُكْمُهُ؛ لَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ خَيْبَرَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ؛ لَكِنَّ جُمْهُورَ الْأَئِمَّةِ خَالَفُوا الشَّافِعِيَّ فِي ذَلِكَ وَرَأَوْا أَنَّ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ جَعْلِ الْأَرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً فَيْئًا حَسَنٌ جَائِزٌ وَأَنَّ عُمَرَ حَبَسَهَا بِدُونِ اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِ الْغَانِمِينَ. وَلَا نِزَاعَ أَنَّ كُلَّ أَرْضٍ فَتَحَهَا عُمَرُ بِالشَّامِ عَنْوَةً. وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهَا لَمْ يُقَسِّمْهَا عُمَرُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَإِنَّمَا قَسَمَ الْمَنْقُولَاتِ لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ - وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي - أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. وَقَدْ صَنَّفَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ إمَامُ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ بِمَا نَازَعَ بِهِ الشَّافِعِيَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَكَلَّمَ عَلَى حُجَجِهِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد كَالْقَوْلَيْنِ؛ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي مَذْهَبِهِ هُوَ الْقَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute