لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هَلْ بَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ أَمْ بَعْضُهُ مِثْلُ بَعْضٍ وَلَا بَعْضٌ لَهُ عِنْدَهُمْ؟ . وَإِنْ قَالُوا: التَّمَاثُلُ وَالتَّفَاضُلُ يَقَعُ فِي الْعِبَارَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ قِيلَ: تِلْكَ لَيْسَتْ كَلَامًا لِلَّهِ عَلَى أَصْلِهِ وَلَا عِنْدَ أَئِمَّتِهِمْ؛ بَلْ هِيَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَمَنْ قَالَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ: إنَّهَا تُسَمَّى كَلَامَ اللَّهِ حَقِيقَةً. وَإِنَّ اسْمَ الْكَلَامِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَعْنَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْقَلْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ بَلْ قَوْلُهُ هَذَا يُفْسِدُ أَصْلَهُمْ. لِأَنَّ أَصْلَ قَوْلِهِمْ: أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَقُومُ إلَّا بِالْمُتَكَلِّمِ لَا يَقُومُ بِغَيْرِهِ إذْ لَوْ جَازَ قِيَامُ الْكَلَامِ بِغَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ اللَّهِ مَخْلُوقًا قَائِمًا بِغَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ كَلَامَ اللَّهِ.
وَهَذَا أَصْلُ الْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِي خَالَفَهُمْ فِيهِ الْكُلَّابِيَة وَسَائِرُ الْمُثَبِّتَةِ وَقَالُوا: إنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَكُونُ مُتَكَلِّمًا حَتَّى يَقُومَ بِهِ الْكَلَامُ وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ قَالُوا: لَا يَكُونُ الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَقُومَ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يَكُونُ الْمُرِيدُ مُرِيدًا حَتَّى تَقُومَ بِهِ الْإِرَادَةُ فَلَوْ جَوَّزُوا أَنَّ يَكُونَ لِلَّهِ مَا هُوَ كَلَامٌ لَهُ وَهُوَ مَخْلُوقٌ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ بَطَلَ هَذَا الْأَصْلُ.
وَأَصْلُ الْنُّفَاةِ الْمُعَطِّلَةِ مِنْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ: أَنَّهُمْ يَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا لَمْ يَقُمْ بِهِ بَلْ بِمَا قَامَ بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَا لَمْ يُوجَدْ وَيَقُولُونَ: هَذِهِ إضَافَاتٌ لَا صِفَاتٌ فَيَقُولُونَ: هُوَ رَحِيمٌ وَيَرْحَمُ وَالرَّحْمَةُ لَا تَقُومُ بِهِ بَلْ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute