لِلثَّوَابِ إذَا اتَّقَاهُ مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يُعَاقِبُهُ اللَّهُ أَلْبَتَّةَ خِلَافًا للجهمية الْمُجْبِرَةِ وَهُوَ مُصِيبٌ؛ بِمَعْنَى: أَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ لَكِنْ قَدْ يَعْلَمُ الْحَقَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ لَا يَعْلَمُهُ خِلَافًا لِلْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: كُلُّ مَنْ اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ عَلِمَ الْحَقَّ فَإِنَّ هَذَا بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ كُلُّ مَنْ اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ اسْتَحَقَّ الثَّوَابَ. وَكَذَلِكَ الْكُفَّارُ: مَنْ بَلَغَهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَعَلِمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِهِ وَآمَنَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ؛ وَاتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ كَمَا فَعَلَ النَّجَاشِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ تُمْكِنْهُ الْهِجْرَةُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا الْتِزَامُ جَمِيعِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ؛ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ الْهِجْرَةِ وَمَمْنُوعًا مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُعَلِّمُهُ جَمِيعَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ: فَهَذَا مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. كَمَا كَانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ مَعَ قَوْمِ فِرْعَوْنَ وَكَمَا كَانَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَلْ وَكَمَا كَانَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَهْلِ مِصْرَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُمْ كُلَّ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّهُ دَعَاهُمْ إلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ قَالَ تَعَالَى عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} . وَكَذَلِكَ النَّجَاشِيُّ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَلِكَ النَّصَارَى فِلْم يُطِعْهُ قَوْمُهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute