لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ لَهُمْ قَوْلَانِ فِي الزِّنْدِيقِ إذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ: هَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فَلَا يُقْتَلُ؟ أَمْ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِدْقَهُ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ يَظْهَرُ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَى طَائِفَةٌ بِأَنَّهُ يُسْتَتَابُ فَلَا يُقْتَلُ وَأَفْتَى الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي تَوْبَتِهِ نَفَعَهُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَقُتِلَ فِي الدُّنْيَا وَكَانَ الْحَدُّ تَطْهِيرًا لَهُ كَمَا لَوْ تَابَ الزَّانِي وَالسَّارِقُ وَنَحْوُهُمَا بَعْدَ أَنْ يُرْفَعُوا إلَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ إنْ كَانُوا صَادِقِينَ كَانَ قَتْلُهُمْ كَفَّارَةً لَهُمْ وَمَنْ كَانَ كَاذِبًا فِي التَّوْبَةِ كَانَ قَتْلُهُ عُقُوبَةً لَهُ. فَإِنْ كَانَ الْحَلَّاجُ وَقْتَ قَتْلِهِ تَابَ فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْفَعُهُ بِتِلْكَ التَّوْبَةِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَإِنَّهُ قُتِلَ كَافِرًا. وَلَمَّا قُتِلَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَقْتَ الْقَتْلِ شَيْءٌ مِنْ الْكَرَامَاتِ؛ وَكُلُّ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ دَمَهُ كَتَبَ عَلَى الْأَرْضِ اسْمَ اللَّهِ وَأَنَّ رِجْلَهُ انْقَطَعَ مَاؤُهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَاذِبٌ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَا يَحْكِيهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقُ وَإِنَّمَا وَضَعَهَا الزَّنَادِقَةُ وَأَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَقُولَ قَائِلُهُمْ: إنَّ شَرْعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقْتُلُ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ. حَتَّى يَسْمَعُوا أَمْثَالَ هَذِهِ الهذيانات؛ وَإِلَّا فَقَدْ قُتِلَ أَنْبِيَاءٌ كَثِيرُونَ وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ وَأَصْحَابِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّالِحِينَ مَنْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إلَّا اللَّهُ قُتِلُوا بِسُيُوفِ الْفُجَّارِ وَالْكُفَّارِ وَالظَّلَمَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يَكْتُبْ دَمُ أَحَدِهِمْ اسْمَ اللَّهِ. وَالدَّمُ أَيْضًا نَجِسٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute