للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَدَلَ بَيْنَ الظَّالِمَيْنِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَدْلَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَمِنْ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ أَلَّا يُمَكِّنَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْبَغْيِ عَلَى الْآخَرِ؛ بَلْ يَفْعَلُ أَقْرَبَ الْمُمْكِنِ إلَى الْعَدْلِ.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إذَا أَقَرَّ حَالَ الِامْتِحَانِ بِالْحَبْسِ أَوْ الضَّرْبِ: هَلْ يَسُوغُ ذَلِكَ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُؤْخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ إذَا ظَهَرَ صِدْقُهُ: مِثْلُ أَنْ يُخْرِجَ السَّرِقَةَ بِعَيْنِهَا وَلَوْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّرْبِ لَمْ يُقْبَلْ؛ بَلْ يُؤْخَذُ بِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْقَاضِي وَالْوَالِي وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِيَانِ الماوردي وَأَبُو يَعْلَى فِي الْوَالِي. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ آخَرَ بِعَدَدِ الضَّرْبِ وَإِذَا رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

وَأَمَّا " مِقْدَارُ الضَّرْبِ " فَإِذَا كَانَ الضَّرْبُ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ: مِثْلُ أَنْ يُضْرَبَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ. فَهَذَا لَا يَتَقَدَّرُ؛ بَلْ يُضْرَبُ يَوْمًا فَإِنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ وَإِلَّا ضُرِبَ يَوْمًا آخَرَ؛ لَكِنْ لَا يَزِيدُ كُلَّ مَرَّةٍ عَلَى التَّعْزِيرِ عِنْدَ مَنْ يُقَدِّرُ أَعْلَاهُ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي " مِقْدَارِ أَعْلَى التَّعْزِيرِ " الَّذِي يُقَامُ بِفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ