وَأَنَّهُ يُنَادِي عِبَادَهُ بِصَوْتِهِ وَمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَصْوَاتَ الْمَسْمُوعَةَ مِنْ الْقُرَّاءِ أَصْوَاتُ الْعِبَادِ وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَصْوَاتِ الْعِبَادِ وَلَا مِدَادِ الْمَصَاحِفِ قَدِيمًا بَلْ الْقُرْآنُ مَكْتُوبٌ فِي مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ مَقْرُوءٌ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَحْفُوظٌ بِقُلُوبِهِمْ وَهُوَ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ. وَالصَّحَابَةُ كَتَبُوا الْمَصَاحِفَ لَمَّا كَتَبُوهَا بِغَيْرِ شَكْلٍ وَلَا نُقَطٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَرَبًا لَا يَلْحَنُونَ ثُمَّ لَمَّا حَدَثَ اللَّحْنُ نَقَّطَ النَّاسُ الْمَصَاحِفَ وَشَكَّلُوهَا فَإِنْ كُتِبَتْ بِلَا شَكْلٍ وَلَا نُقَطٍ جَازَ وَإِنْ كُتِبَتْ بِنَقْطِ وَشَكْلٍ جَازَ وَلَمْ يُكْرَهْ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَحُكْمُ " النَّقْطِ وَالشَّكْلِ " حُكْمُ الْحُرُوفِ فَإِنَّ الشَّكْلَ يُبَيِّنُ إعْرَابَ الْقُرْآنِ كَمَا يُبَيِّنُ النَّقْطُ الْحُرُوفَ. وَالْمِدَادُ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ الْحُرُوفُ وَيُكْتَبُ بِهِ الشَّكْلُ وَالنَّقْطُ مَخْلُوقٌ وَكَلَامُ اللَّهِ الْعَرَبِيُّ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَكُتِبَ فِي الْمَصَاحِفِ بِالشَّكْلِ وَالنَّقْطِ وَبِغَيْرِ شَكْلٍ وَنَقْطٍ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ وَحُكْمُ الْإِعْرَابِ حُكْمُ الْحُرُوفِ؛ لَكِنَّ الْإِعْرَابَ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْحُرُوفِ الْمَرْسُومَةِ؛ فَلِهَذَا لَا يُحْتَاجُ لِتَجْرِيدِهِمَا وَإِفْرَادِهِمَا بِالْكَلَامِ؛ بَلْ الْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ: مَعَانِيهِ وَحُرُوفُهُ وَإِعْرَابُهُ وَاَللَّهُ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَقْرَءُونَهُ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَصْوَاتِهِمْ. وَالْمَكْتُوبُ فِي مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ: سَوَاءٌ كُتِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute