صَوْتُ الْقَارِئِ وَالْكَلَامُ كَلَامُ الْبَارِئِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْخَائِضِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ صَوْتِ الْعَبْدِ وَصَوْتِ الرَّبِّ؛ بَلْ يَجْعَلُ هَذَا هُوَ هَذَا فَيَنْفِيهِمَا جَمِيعًا أَوْ يُثْبِتُهُمَا جَمِيعًا فَإِذَا نَفَى الْحَرْفَ وَالصَّوْتَ نَفَى أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ كَلَامَ اللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ مُنَادِيًا لِعِبَادِهِ بِصَوْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ كَمَا نَفَى أَنْ يَكُونَ صَوْتُ الْعَبْدِ صِفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ جَعَلَ كَلَامَ اللَّهِ الْمُتَنَوِّعَ شَيْئًا وَاحِدًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ هُوَ مُصِيبٌ فِي هَذَا الْفَرْقِ دُونَ ذَاكَ الثَّانِي الَّذِي فِيهِ نَوْعٌ مِنْ الْإِلْحَادِ وَالتَّعْطِيلِ حَيْثُ جَعَلَ الْكَلَامَ الْمُتَنَوِّعَ شَيْئًا وَاحِدًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ. وَإِذَا ثَبَتَ جَعْلُ صَوْتِ الرَّبِّ هُوَ صَوْتَ الْعَبْدِ أَوْ سَكَتَ عَنْ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا مَعَ قَوْلِهِ إنَّ الْحُرُوفَ مُتَعَاقِبَةٌ فِي الْوُجُودِ مُقْتَرِنَةٌ فِي الذَّاتِ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةُ الْأَعْيَانِ فَجَعَلَ عَيْنَ صِفَةِ الرَّبِّ تَحِلُّ فِي الْعَبْدِ أَوْ تَتَّحِدُ بِصِفَتِهِ فَقَالَ بِنَوْعِ مِنْ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ يُفْضِي إلَى نَوْعٍ مِنْ التَّعْطِيلِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الْفَرْقِ وَالْمُبَايَنَةِ بَيْنَ الْخَالِقِ وَصِفَاتِهِ وَالْمَخْلُوقِ وَصِفَاتِهِ خَطَأٌ وَضَلَالٌ لَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا؛ بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ صَوْتِ الرَّبِّ وَصَوْتِ الْعَبْدِ وَمُتَّفِقُونَ أَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُرُوفَهُ وَمَعَانِيَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute