هَذَا مَضَى السَّلَفُ كُلُّهُمْ، وَلَوْ ذَهَبْنَا نَذْكُرُ مَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ لَخَرَجْنَا عَنْ الْمَقْصُودِ فِي هَذَا الْجَوَابِ. فَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْحَقَّ وَإِظْهَارَ الصَّوَابِ اكْتَفَى بِمَا قَدَّمْنَاهُ وَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ الْجِدَالَ وَالْقِيلَ وَالْقَالَ وَالْمُكَابَرَةَ لَمْ يَزِدْهُ التَّطْوِيلُ إلَّا خُرُوجًا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَقَدْ ثَبَتَ مَا ادَّعَيْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِ السَّلَفِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمَا نَقَلْنَاهُ جُمْلَةً عَنْهُمْ وَتَفْصِيلًا وَاعْتِرَافِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ كُلِّهِمْ بِذَلِكَ. وَلَمْ أَعْلَمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ لَقَدْ بَلَغَنِي عَمَّنْ ذَهَبَ إلَى التَّأْوِيلِ لِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ مِنْ أَكَابِرِهِمْ: الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ فِيهَا مَا قُلْنَاهُ. وَرَأَيْته لِبَعْضِ شُيُوخِهِمْ فِي كِتَابِهِ قَالَ: " اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَمَرَهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ وَلَا تَأْوِيلٍ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ عَنْهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ " فَحَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ بِقَوْلِ الْمُنَازِعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا جَاءَ عَنْ " عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ " أَنَّهُ قَالَ: " عَلَيْك بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَك بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ. فَإِنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جُعِلَتْ لِيُسْتَنَّ بِهَا وَيُقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافِهَا مِنْ الزَّلَلِ وَالْخَطَإِ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ. فَارْضَ لِنَفْسِك بِمَا رَضُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ. فَإِنَّهُمْ عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا وَبِبَصَرِ نَافِذٍ كَفُّوا. وَلَهُمْ كَانُوا عَلَى كَشْفِهَا أَقْوَى. وَبِتَفْصِيلِهَا لَوْ كَانَ فِيهَا أَحْرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute