للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَسْرِ وَمَنْ لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ بِدَعِهِمْ قَتَلُوهُ أَوْ حَبَسُوهُ أَوْ ضَرَبُوهُ أَوْ مَنَعُوهُ الْعَطَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يُوَلُّوهُ وِلَايَةً وَلَمْ يَقْبَلُوا لَهُ شَهَادَةً وَلَمْ يَفْدُوهُ مِنْ الْكُفَّارِ. يَقُولُونَ: هَذَا مُشَبِّهٌ؛ هَذَا مُجَسِّمٌ لِقَوْلِهِ: إنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَدَامَتْ هَذِهِ الْمِحْنَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي أَوَاخِرِ خِلَافَةِ الْمَأْمُونِ وَخِلَافَةِ أَخِيهِ الْمُعْتَصِمِ وَالْوَاثِقِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَشَفَ الْغُمَّةَ عَنْ الْأُمَّةِ فِي وِلَايَةِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَامَّةَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دُونَ ذُرِّيَّةِ الَّذِينَ أَقَامُوا الْمِحْنَةَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ. فَأَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِرَفْعِ الْمِحْنَةِ وَإِظْهَارِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْ يُرْوَى مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ الْإِثْبَاتِ النَّافِي لِلتَّعْطِيلِ. وَكَانَ أُولَئِكَ الْجَهْمِيَّة الْمُعَطِّلَةُ قَدْ بَلَغَ مِنْ تَبْدِيلِهِمْ لِلدِّينِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ عَلَى سُتُورِ الْكَعْبَةِ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَلَا يَقُولُونَ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَمْتَحِنُونَ النَّاسَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فَإِذَا قَالُوا وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَمِنْ غَيْرِ