للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعِمَارَةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَكَانُ وَاَلَّتِي هِيَ مِنْ مُوجَبِ الْعَقْدِ. وَهَذِهِ الْعِمَارَةُ وَاجِبَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ حَقِّ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمَنْ جِهَةِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ. وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْعِمَارَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ. فَهَذَانِ التفريطان يَجِبُ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِمَا ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ فَيَضْمَنُ مَالَ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَنَافِعُ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهَا وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. وَأَمَّا مَا تَلِفَ بِالتَّفْرِيطِ مِنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي لِلْمُسْتَأْجِرِ فَيَضْمَنُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ لِلْجِيرَانِ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.

وَسُئِلَ:

عَنْ مَالٍ مَوْقُوفٍ عَلَى فِكَاكِ الْأَسْرَى؛ وَإِذَا اُسْتُدِينَ بِمَالِ فِي ذِمَمِ الْأَسْرَى بِخَلَاصِهِمْ لَا يَجِدُونَ وَفَاءَهُ: هَلْ يَجُوز صَرْفُهُ مِنْ الْوَقْفِ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَدَانَهُ وَلِيُّ فِكَاكِهِمْ بِأَمْرِ نَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ غَيْرِهِ؟

فَأَجَابَ:

نَعَمْ يَجُوز ذَلِكَ؛ بَلْ هُوَ الطَّرِيقُ فِي خَلَاصِ الْأَسْرَى أَجْوَدُ مِنْ إعْطَاءِ الْمَالِ ابْتِدَاءً لِمَنْ يَفْتِكَهُمْ بِعَيْنِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ يَخَافُ عَلَيْهِ وَقَدْ يُصْرَفُ