للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْكَذِبِ. وَالْقُرْآنُ يُبَيِّنُ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ. وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهَا. وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ بِالْعَقْلِ يَعْرِفُ الْمُعَادَ وَحُسْنَ عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ وَحُسْنَ شُكْرِهِ وَقُبْحَ الشِّرْكِ وَكُفْرَ نِعَمِهِ كَمَا قَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ. وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَكُونُ هَذَا فِي فِطْرَتِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ تَحْسِينَ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحَهُ إذَا صُنِّفَ فِي أُصُولِ الدِّينِ عَلَى طَرِيقَةِ الْنُّفَاةِ الْجَبْرِيَّةِ أَتْبَاعِ جَهْمٍ. وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي عَامَّةِ مَا يَقُولُهُ الْمُبْطِلُونَ يَقُولُونَ بِفِطْرَتِهِمْ مَا يُنَاقِضُ مَا يَقُولُونَهُ فِي اعْتِقَادِهِمْ الْبِدْعِيِّ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ الْجَدِّ الْأَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْفَرَجِ ابْنَ الْجَوْزِيِّ يُنْشِدُ فِي مَجْلِسِ وَعْظِهِ الْبَيْتَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ:

هَبْ الْبَعْثَ لَمْ تَأْتِنَا رُسُلُهُ … وَجَاحِمَةُ النَّارِ لَمْ تُضْرَمْ

أَلَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُسْتَحَقِّ … حَيَاءُ الْعِبَادِ مِنْ الْمُنْعِمِ؟

فَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا بِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُسْتَحَقِّ حَيَاءُ الْخَلْقِ مِنْ الْخَالِقِ الْمُنْعِمِ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ شُكْرَهُ وَاجِبٌ مُسْتَحَقٌّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَعِيدٌ وَلَا