للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ شَيْءٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ بَلْ مَا قِيلَ: إنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ: فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَافِهِ بِوَصْفِ امْتَازَ بِهِ عَنْ الْأُمُورِ الَّتِي خَالَفَهَا وَاقْتَضَى مُفَارَقَتَهُ لَهَا فِي الْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَذَلِكَ الْوَصْفُ إنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِيهِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِهِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُفَارِقَةِ لَهُ. وَأَمَّا الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَمِثْلُ مَا يَأْتِي حَدِيثٌ بِخِلَافِ أَمْرٍ فَيَقُولُ الْقَائِلُونَ: هَذَا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ أَوْ بِخِلَافِ قِيَاسِ الْأُصُولِ وَهَذَا لَهُ أَمْثِلَةٌ مِنْ أَشْهَرِهَا الْمُصَرَّاةُ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ وَلَا الْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ} وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فَقَالَ قَائِلُونَ: هَذَا يُخَالِفُ قِيَاسَ الْأُصُولِ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا: أَنَّهُ رَدُّ الْمَبِيع بِلَا عَيْبٍ وَلَا خُلْفَ فِي صِفَةٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَاللَّبَنُ الَّذِي يَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَهُنَا قَدْ ضَمِنَهُ. وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّبَنَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ مَا لَا مِثْلَ لَهُ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ مِنْ النَّقْدِ وَهُنَا ضَمِنَهُ بِالتَّمْرِ.