الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهَا إلَّا مَعَ الْمَحْظُورِ كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا وَالْأُصُولُ كُلُّهَا تُوَافِقْ ذَلِكَ وَالْجُنُبُ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ صَلَّى أَيْضًا فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ لِعَجْزِهِ عَنْ الطَّهَارَةِ فَالْحَيْضُ يُنَافِي الصَّلَاةَ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ الْحَيْضِ اسْتِغْنَاءً بِتَكَرُّرِ أَمْثَالِهَا. وَأَمَّا الْحَجُّ وَالطَّوَافُ فِيهِ فَلَا يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهُ. فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مَعَ الْعُذْرِ لَزِمَ أَلَّا يَصِحَّ مُطْلَقًا. وَالْأُصُولُ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُمْكِنْ إلَّا مَعَ الْعُذْرِ كَانَتْ صَحِيحَةً مُجْزِيَةً مَعَهُ بِدُونِ مَا إذَا فُعِلَتْ بِدُونِ الْعُذْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لِلْحَائِضِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْحَيْضِ لِاسْتِغْنَائِهَا بِهَا عَنْ ذَلِكَ بِتَكَرُّرِ أَمْثَالِهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا فِعْلُهُ إلَّا مَعَ الْحَيْضِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْنِيَةً عَنْهُ بِنَظِيرِهِ فَجَازَ لَهَا ذَلِكَ كَسَائِرِ مَا تَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ شُرُوطِ الْعِبَادَاتِ.
الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ فَسَقَطَ بِالْعَجْزِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَلَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تَطُوفَ إلَّا مَعَ الْحَدَثِ الدَّائِمِ طَافَتْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَفِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهَا خِلَافٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَفِي هَذَا صَلَاةٌ مَعَ الْحَدَثِ وَمَعَ حَمْلِ النَّجَاسَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ الْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ عَنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ صَلَّى وَطَافَ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. الدَّلِيلُ الرَّابِعُ أَنْ يُقَالَ: شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الطَّوَافِ فَسَقَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute