للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبِدَعِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُضَاهِيَةِ لِلضَّلَالَاتِ النَّصْرَانِيَّةِ والشركية وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ: أَنَّ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ سَافَرَ إلَى الطُّورِ - الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ - فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُك قَبْلَ أَنْ تَذْهَبَ إلَيْهِ لَمْ أَدَعْك تَذْهَبُ إلَيْهِ؛ لَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا} . فَإِذَا كَانَ السَّفَرُ لِزِيَارَةِ الطُّورِ - الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى وَسَمَّاهُ " الْوَادِيَ الْمُقَدَّسَ " و " الْبُقْعَةَ الْمُبَارَكَةَ " - لَا يُشْرَعُ؛ فَكَيْفَ بِالسَّفَرِ لِزِيَارَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَطْوَارِ فَإِنَّ " الطُّورَ " هُوَ الْجَبَلُ وَالْأَطْوَارَ الْجِبَالُ.

وَأَمَّا الْقَبْرُ الْمَشْهُورُ فِي سَفْحِهِ بالكرك الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ " قَبْرُ نُوحٍ " فَهُوَ بَاطِلٌ مُحَالٌ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ عِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ: إنَّ هَذَا قَبْرُ نُوحٍ وَلَا قَبْرُ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ الصَّالِحِينَ وَلَا كَانَ لِهَذَا الْقَبْرِ ذِكْرٌ وَلَا خَبَرٌ أَصْلًا؛ بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ حَاكُورَةً يُزْرَعُ فِيهَا وَيَكُونُ بِهَا الْحَاكَةُ إلَى مُدَّةِ قَرِيبَةٍ. رَأَوْا هُنَاكَ قَبْرًا فِيهِ عَظْمٌ كَبِيرٌ وَشَمُّوا فِيهِ رَائِحَةً فَظَنَّ الْجُهَلَاءُ أَنَّهُ لِأَجْلِ تِلْكَ الرَّائِحَةِ يَكُونُ قَبْرَ نَبِيٍّ. وَقَالُوا مَنْ كَانَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَبِيرًا؟ فَقَالُوا: نُوحٌ. فَقَالُوا: هُوَ قَبْرُ نُوحٍ وَبَنَوْا عَلَيْهِ فِي دَوْلَةِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّاصِرِ صَاحِبِ حَلَبَ ذَلِكَ الْقَبْرَ وَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَوْلَةِ الظَّاهِرِ فَصَارَ وَثَنًا يُشْرِكُ بِهِ الْجَاهِلُونَ