للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ مَوَاضِعَ السَّاجِدِ تُسَمَّى مَسَاجِدَ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَلَا تُسَمَّى مَقَامَاتٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلِ السُّجُودِ فِيهَا. فَعُلِمَ أَنَّ أَعْظَمَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ هُوَ السُّجُودُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْ مَوَاضِعِ السُّجُودِ بِأَنَّهَا مَوَاضِعُ فِعْلِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {إنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَهَذَا وَإِنْ تَنَاوَلَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فَتَنَاوُلُهُ لِسُجُودِ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ؛ فَإِنَّ احْتِيَاجَ الْإِنْسَانِ إلَى هَذَا السُّجُودِ أَعْظَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَدْ جَعَلَ الْخُرُورَ إلَى السُّجُودِ مِمَّا لَا يَحْصُلُ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ وَهَذَا مِمَّا تَمَيَّزَ بِهِ وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ أَنْبِيَائِهِ أَنَّهُمْ: {إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} وَقَالَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} . وَالدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ {أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ} وَمِثْلَ مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ