للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ:

عَنْ قَوْلِ الْخَطِيبِ بْنِ نباتة أَبْرَأُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَّا إلَيْهِ؛ فَأَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهِ وَقَالَ مَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِحَذْفِ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ تَقُولَ أَبْرَأُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَيْهِ فَاسْتَدَلَّ مَنْ نَصَرَ قَوْلَ الْخَطِيبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} {إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} فَهَلْ أَصَابَ الْمُنْكِرُ أَمْ لَا؟ .

فَأَجَابَ:

مَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْآخَرُ مِنْ حَذْفِ الِاسْتِثْنَاءِ لَهُ مَعْنًى آخَرُ صَحِيحٌ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ بَرِئْتُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إلَيْهِ كَانَ الْمَعْنَى بَرِئْتُ إلَيْهِ مِنْ حَوْلِي وَقُوَّتِي: أَيْ مِنْ دَعْوَى حَوْلِي وَقُوَّتِي كَمَا يُقَالُ: بَرِئْتُ إلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ فِي فَصِيحِهِ وَالْمَعْنَى بَرِئْتُ إلَيْهِ مِنْ هَذَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إلَيْكَ مَا كَانُوا إيَّانَا يَعْبُدُونَ} وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ} وَقَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ يَوْمَ أُحُدٍ: اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ.