للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَذَلِكَ الْحُبُّ الْمُشَبَّهُ لَهُمْ إذْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. إذَا قَالَ: يُحِبُّ زَيْدًا كَحُبِّ عَمْرٍو أَوْ يُحِبُّ عَلِيًّا كَحُبِّ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يُحِبُّ الصَّالِحِينَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ كَحُبِّ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ قِيلَ: يُحِبُّ الْبَاطِلَ كَحُبِّ الْحَقِّ أَوْ يُحِبُّ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ كَحُبِّ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْمَفْهُومُ إلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمُحِبُّ لِلْمُشَبِّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَأَنَّهُ يُحِبُّ هَذَا كَمَا يُحِبُّ هَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحِبُّ هَذَا كَمَا يُحِبُّ غَيْرَهُ هَذَا إذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَحَبَّةِ غَيْرِهِ أَصْلًا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَحَبَّةَ تَكُونُ لِمَا يُتَّخَذُ إلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} فَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مَا يَهْوَاهُ فَقَدْ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ فَمَا هَوِيَهُ هَوِيَة إلَهُهُ فَهُوَ لَا يَتَأَلَّهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّأَلُّهَ بَلْ يَتَأَلَّهُ مَا يَهْوَاهُ وَهَذَا الْمُتَّخِذُ إلَهَهُ هَوَاهُ لَهُ مَحَبَّةٌ كَمَحَبَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ، وَمَحَبَّةِ عُبَّادِ الْعِجْلِ لَهُ وَهَذِهِ مَحَبَّةٌ مَعَ اللَّهِ لَا مَحَبَّةٌ لِلَّهِ وَهَذِهِ مَحَبَّةُ أَهْلِ الشِّرْكِ. وَالنُّفُوسُ قَدْ تَدَّعِي مَحَبَّةَ اللَّهِ وَتَكُونُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَحَبَّةَ شِرْكٍ تُحِبُّ مَا تَهْوَاهُ وَقَدْ أَشْرَكَتْهُ فِي الْحُبِّ مَعَ اللَّهِ وَقَدْ يَخْفَى الْهَوَى عَلَى النَّفْسِ فَإِنَّ حُبَّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ. وَهَكَذَا الْأَعْمَالُ الَّتِي يَظُنُّ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ يَعْمَلُهَا لِلَّهِ وَفِي نَفْسِهِ شِرْكٌ قَدْ خَفِيَ