للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ ذَلِكَ. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الصِّفَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَيْهَا وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وَقَدْ ثَبَتَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ - وَهُوَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ - أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَوْجَبَ رَمَضَانَ كَانَ الْمُقِيمُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. فَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ إطْعَامُ الْمِسْكِينِ وَنَدَبَ سُبْحَانَهُ إلَى إطْعَامِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} ثُمَّ قَالَ: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فَلَمَّا كَانُوا مُخَيَّرِينَ كَانُوا عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ: أَعْلَاهَا الصَّوْمُ وَيَلِيهِ أَنْ يُطْعِمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مِسْكِينٍ وَأَدْنَاهَا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى إطْعَامِ مِسْكِينٍ. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ حَتَّمَ الصَّوْمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَسْقَطَ التَّخْيِيرَ فِي الثَّلَاثَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِي. ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ جَهْمِ بْنِ الْجَارُودِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: قَالَ {أَهْدَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَجِيبَةً فَأَعْطَى بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ؛ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَهْدَيْت نَجِيبَةً فَأَعْطَيْت بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟ قَالَ: لَا. انْحَرْهَا إيَّاهَا} فَقَدْ نَهَاهُ عَنْ بَيْعِهَا وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا بُدْنًا؟