ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ فَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مِثْلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَنَحْوَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ؛ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِكُفْرِ وَلَا فِسْقٍ؛ بَلْ مُجْتَهِدُونَ: إمَّا مُصِيبُونَ وَإِمَّا مُخْطِئُونَ. وَذُنُوبُهُمْ مَغْفُورَةٌ لَهُمْ. وَيُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْبُغَاةَ لَيْسُوا فُسَّاقًا فَإِذَا جُعِلَ هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ سَوَاءً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْخَوَارِجُ وَسَائِرُ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْبَاقِينَ عَلَى الْعَدَالَةِ سَوَاءً؛ وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ بِفِسْقِ الْبُغَاةِ وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ. وَأَمَّا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ " الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ " وَبَيْنَ " أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين " وَغَيْرِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين. مِمَّنْ يُعَدُّ مِنْ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ: مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ} وَهَذَا الْحَدِيث يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمَارِقِينَ نَوْعٌ ثَالِثٌ لَيْسُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute