الْإِثْبَاتِ بَلْ فِي النَّفْيِ فَكَانَ الرَّسُولُ وَالْمُشْرِكُونَ مُتَّفِقِينَ عَلَى إثْبَاتِ إلَهِيَّةِ اللَّهِ كَانَ الرَّسُولُ يَنْفِي إلَهِيَّةَ مَا سِوَى اللَّهِ وَهُمْ يُثْبِتُونَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ: بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَّا لِإِثْبَاتِ إلَهِيَّةِ اللَّهِ وَلِنَفْيِ إلَهِيَّةِ مَا سِوَاهُ وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يُثْبِتُونَ إلَهِيَّةَ مَا سِوَاهُ مَعَ إلَهِيَّتِهِ أَمَّا الْآلِهَةُ مُطْلَقًا بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَمْ يَكُونُوا مِمَّا يَعْتَقِدُونَهُ حَتَّى يُعَبِّرُوا عَنْهُ فَكَيْفَ يُقَالُ: هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي وَضَعُوا لَهُ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَصْلِ لُغَتِهِمْ؟ .
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا نُسَلِّمُ تَغْيِيرَ الدَّلَالَةِ بَلْ غَايَتُهُ صَرْفُ اللَّفْظِ عَمَّا اقْتَضَاهُ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِهِ إلَى غَيْرِهِ بِالْقَرِينَةِ. فَيُقَالُ لَهُ: وَهَذِهِ مَغْلَطَةٌ؛ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الْقَيْدِ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقًا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي النَّفْيَ الْعَامَّ إذَا كَانَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ فَأَمَّا مَعَ الْقَيْدِ فَقَوْلُهُ: " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " اللَّفْظُ مُطْلَقًا فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ صُرِفَ عَمَّا كَانَ يَقْتَضِيهِ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا؟ فَلَوْ كَانَ مُطْلَقًا لَكَانَ يَقْتَضِي النَّفْيَ الْعَامَّ فَبِالتَّقْيِيدِ زَالَ الْإِطْلَاقُ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى تَغْيِيرِ الدَّلَالَةِ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَلَالَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بَطَلَتْ وَصَارَتْ لَهُ دَلَالَةٌ أُخْرَى عِنْدَ التَّقْيِيدِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَخَرَجَ مِنْ اللَّفْظِ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِي اللَّفْظِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِالْعُمُومِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْوَقْفِ فَخَرَجَ مِنْ اللَّفْظِ مَا لَوْلَاهُ لَصَلَحَ أَنْ يَدْخُلَ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَخْرُجُ مِنْ اللَّفْظِ مَا دَخَلَ بَلْ مَا لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ لَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute