للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" الثَّالِثُ ": أَنْ يَبْعُدَ عَنْ مَسْكَنِ هَذَا الشَّخْصِ وَالِاجْتِمَاعِ بِمَنْ يَجْتَمِعُ بِهِ؛ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ لَهُ خَبَرًا وَلَا يَقَعُ لَهُ عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَرٍ؛ فَإِنَّ الْبُعْدَ جَفَا وَمَتَى قَلَّ الذِّكْرُ ضَعُفَ الْأَثَرُ فِي الْقَلْبِ. فَلْيَفْعَلْ هَذِهِ الْأُمُورَ وَلْيُطَالِعْ بِمَا تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ الْأَحْوَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَنْ رَجُلٍ عَازِبٍ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَى الزَّوَاجِ؛ غَيْرَ أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدْ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا فِيهِ مِنَّةٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ كَثِيرُ التَّطَلُّعِ إلَى الزَّوَاجِ: فَهَلْ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الزَّوَاجِ؟ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ} . وَ " اسْتِطَاعَةُ النِّكَاحِ " هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُؤْنَةِ؛ لَيْسَ هُوَ الْقُدْرَةَ عَلَى الْوَطْءِ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ خِطَابٌ لِلْقَادِرِ عَلَى فِعْلِ الْوَطْءِ؛ وَلِهَذَا أَمَرَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُومَ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ: هَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ وَيَتَزَوَّجَ؟ فِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} . وَأَمَّا " الرَّجُلُ الصَّالِحُ " فَهُوَ الْقَائِمُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ.