فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوَّلًا مَبْنِيَّةٌ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ: هَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْعَزْلِ لَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَعْلَمَ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ بَلْ أَرْجَحُهُمَا. فَعَلَى هَذَا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعِلْمِ صَحِيحٌ نَافِذٌ. وَثُبُوتُ عَزْلِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَا يَقْدَحُ فِي تَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْوَقْفُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ وَلَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. فَعَلَى هَذَا لَا تُقْبَلُ مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ الْعَزْلَ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَإِذَا أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً بِبَلَدِ آخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْغَالِبِ إذَا قِيلَ بِصِحَّتِهِ فَهُوَ يَصِحُّ مَعَ بَقَاءِ كُلِّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَلِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدَحَ فِي الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ بِمَا يَسُوغُ قَبُولُهُ: إمَّا الطَّعْنُ فِي الشُّهُودِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِالْعَزْلِ لَا يَرَى الْعَزْلَ قَبْلَ الْعِلْمِ. وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْعَزْلِ فَاسِقَةً أَوْ مُتَّهَمَةً بِشَيْءِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ. ثُمَّ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَى عَزْلَ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَقَدْ بَلَغَهُ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute