كَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي سَائِرِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ كَالْحَيَاةِ؛ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ؛ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ؛ وَالْكَلَامِ؛ وَالْإِرَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا كَقَوْلِهِ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} و {يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ} إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إذَا أُطْلِقَتْ عَلَيْنَا أَنْ تَكُونَ أَعْرَاضًا أَوْ أَجْسَامًا؛ لِأَنَّ ذَوَاتَنَا كَذَلِكَ؛ وَلَيْسَ ظَاهِرُهَا إذَا أُطْلِقَتْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَّا مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَيُنَاسِبُ نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ؛ فَكَمَا أَنَّ لَفْظَ " ذَاتٍ " و " وُجُودٍ " و " حَقِيقَةٍ ": تُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى عِبَادِهِ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْإِطْلَاقَيْنِ؛ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ مُسَاوِيًا لِظَاهِرِهِ فِي حَقِّنَا. وَلَا مُشَارِكًا لَهُ: فِيمَا يُوجِبُ نَقْصًا أَوْ حُدُوثًا سَوَاءٌ جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مُتَوَاطِئَةً أَوْ مُشْتَرَكَةً؛ أَوْ مُشَكِّكَةً كَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} و {إنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . الْبَابُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ. وَكَانَ قُدَمَاءُ " الْجَهْمِيَّة " يُنْكِرُونَ جَمِيعَ الصِّفَاتِ لِلَّهِ الَّتِي هِيَ فِينَا أَعْرَاضٌ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ. أَوْ أَجْسَامٍ: كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ. وحدثاؤهم أَقَرُّوا بِكَثِيرِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ فِينَا أَعْرَاضٌ: كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ. وَأَنْكَرُوا بَعْضَهَا وَالصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ فِينَا أَجْسَامٌ. وَفِيهِمْ مَنْ أَقَرَّ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ فِينَا أَجْسَامٌ كَالْيَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute