للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَأَمَّا لَفْظُ " الْفَتَى " فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ الْحَدَثُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} وقَوْله تَعَالَى {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ} وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ}. لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ أَخْلَاقُ الْأَحْدَاثِ اللِّينَ صَارَ كَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ " الْفُتُوَّةِ " عَنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: طَرِيقُنَا تُفْتَى وَلَيْسَ تُنْصَرُ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ. [" الْفُتُوَّةُ " أَنَّ تُقَرِّبَ مَنْ يُقْصِيك وَتُكْرِمَ مَنْ يُؤْذِيك وَتُحْسِنَ إلَى مَنْ يُسِيءُ إلَيْك. سَمَاحَةً لَا كَظْمًا وَمَوَدَّةً لَا مُضَارَةً] (*). وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: " الْفُتُوَّةُ " تَرْكُ مَا تَهْوَى لِمَا تَخْشَى. وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُوصَفُ فِيهَا الْفُتُوَّةُ بِصِفَاتِ مَحْمُودَةٍ مَحْبُوبَةٍ سَوَاءٌ سُمِّيَتْ فُتُوَّةً أَوْ لَمْ تُسَمَّ وَهِيَ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْمَدْحَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَّا لِدُخُولِهَا فِيمَا حَمِدَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ. كَلَفْظِ الْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ وَالْحِلْمِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَالْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْخَيْرِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنَةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ فَكُلُّ اسْمٍ عَلَّقَ اللَّهُ بِهِ الْمَدْحَ وَالثَّوَابَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَانَ أَهْلُهُ مَمْدُوحِينَ وَكُلُّ اسْمٍ عَلَّقَ بِهِ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَانَ أَهْلُهُ مَذْمُومِينَ كَلَفْظِ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ


قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٩٦):
. . . وفي النص الثاني: (ومودة لا مضارة)، والعبارة كما في (مدارج السالكين) ٢/ ٣٤٥: الدرجة الثانية: أن تقرب من يقصيك، وتكرم من يؤذيك، وتعتذر إلى من يجني عليك، سماحة لا كضما، ومودة لا مصابرة).