للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقُدْرَةَ؛ فَإِنَّ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ بِحَالِ لَا يُلَامُ وَلَا يُؤْمَرُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِحَالِ. ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاَللَّهِ وَنَهَاهُ عَنْ الْعَجْزِ أَمَرَهُ إذَا غَلَبَهُ أَمْرٌ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْقَدَرِ، وَيَقُولَ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ وَلَا يَتَحَسَّرُ وَيَتَلَهَّفُ وَيَحْزَنُ. وَيَقُولُ: لَوْ أَنِّي فَعَلْت كَذَا وَكَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَعْنَى: الْأَمْرُ أَمْرَانِ: أَمْرٌ فِيهِ حِيلَةٌ وَأَمْرٌ لَا حِيلَةَ فِيهِ. فَمَا فِيهِ حِيلَةٌ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَمَا لَا حِيلَةَ فِيهِ لَا يَجْزَعُ مِنْهُ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الدِّينِ. كَمَا ذَكَرَ (الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَغَيْرُهُ. فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ وَالرِّضَا وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ: {أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} " فَالتَّقْوَى " تَتَضَمَّنُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ. وَ " الصَّبْرُ " يَتَضَمَّنُ الصَّبْرَ عَلَى الْمَقْدُورِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} - إلَى قَوْلِهِ - {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَعَ التَّقْوَى وَالصَّبْرِ لَا يَضُرُّ