الْمُؤْمِنِينَ كَيْدُ أَعْدَائِهِمْ الْمُنَافِقِينَ. وَقَالَ تَعَالَى: {بَلَى إنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} فَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعَ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى يَمُدُّهُمْ بِالْمَلَائِكَةِ. وَيَنْصُرُهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ. وَقَالَ تَعَالَى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الْكِتَابِ لَا بُدَّ أَنْ يُؤْذُوهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ إنْ يَصْبِرُوا وَيَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. فَالصَّبْرُ وَالتَّقْوَى يَدْفَعُ شَرَّ الْعَدُوِّ الْمُظْهِرِ لِلْعَدَاوَةِ الْمُؤْذِينَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَالْمُؤْذِينَ بِأَيْدِيهِمْ وَشَرُّ الْعَدُوِّ الْمُبْطِنُ لِلْعَدَاوَةِ. وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ وَهَذَا الَّذِي كَانَ خُلُقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَدْيُهُ هُوَ أَكْمَلُ الْأُمُورِ.
فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَارَةً وَمَا لَا يُحِبُّهُ تَارَةً أَوْ لَمْ يُرِدْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا فَكِلَاهُمَا دُونَ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إثْمٌ كَاَلَّذِي يُرِيدُ مَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ نَيْلِ الشَّهْوَةِ الْمُبَاحَةِ وَالْغَضَبِ وَالِانْتِقَامِ الْمُبَاحِ كَمَا هُوَ خُلُقُ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَا إثْمَ فِيهِ فَخُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute