للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى " مُقَدِّمَةٍ " وَهِيَ أَنْ يَعْرِفَ الْإِنْسَانُ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَا بَلَغَهُ عَنْ غَيْرِهِ: هَذَا كَلَامُ ذَلِكَ الْغَيْرِ؛ فَإِنَّ الْمُحَدِّثَ إذَا حَدَّثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى} أَوْ قَوْلِهِ: {الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ} أَوْ قَوْلِهِ: {مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهِ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ فَهُوَ الَّذِي أَخْبَرَ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَلَّفَ حُرُوفَهُ وَتَكَلَّمَ بِهَا بِصَوْتِهِ. ثُمَّ الْمُبَلِّغُ بِذَلِكَ عَنْهُ بَلَّغَ كَلَامَهُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأَ سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ} فَدَعَا بِالنَّضْرَةِ لِمَنْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ. فَبَيَّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَسْمُوعَ مِنْهُ هُوَ الْحَدِيثُ الْمُبَلَّغُ عَنْهُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمُبَلِّغَ عَنْهُ بَلَّغَهُ بِأَفْعَالِهِ وَأَصْوَاتِهِ وَأَنَّ الصَّوْتَ الْمَسْمُوعَ مِنْهُ هُوَ صَوْتُهُ لَا صَوْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ بِصَوْتِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ فَالْمُبَلَّغُ عَنْهُ هُوَ حَدِيثُهُ الَّذِي سُمِعَ مِنْهُ وَلَيْسَ الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ صَوْتَهُ. فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: هَلْ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي قَرَأَهُ الْمُحَدِّثُ الْقَائِمُ بِهِ