فِي نُفُوسِ النَّاسِ: بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِلْمِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَإِنَّ عَدَمَ وُجُودِهِمْ مِنْ نُفُوسِهِمْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَجِدُوا ذَلِكَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ يُخْبِرُونَ عَنْ الْيَقِينِ الَّذِي فِي أَنْفُسِهِمْ؛ عَمَّنْ لَا يَشُكُّونَ فِي عِلْمِهِ وَصِدْقِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِمَا يَقُولُ. وَهَذَا حَالُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَحَمَلَةِ الْحُجَّةِ فَإِنَّهُمْ يُخْبِرُونَ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ كَمَا فِي الْحِكَايَةِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْ " نَجْمِ الدِّينِ الْكُبْرَى " لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مُتَكَلِّمَانِ أَحَدُهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِي. وَالْآخَرُ: مِنْ مُتَكَلِّمِي الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَا: يَا شَيْخُ بَلَغَنَا: أَنَّك تَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ. فَقَالَ: نَعَمْ أَنَا أَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ. فَقَالَا: كَيْفَ يُمْكِنُ ذَلِكَ وَنَحْنُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى السَّاعَةِ نَتَنَاظَرُ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدُنَا أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْآخَرِ دَلِيلًا؟ - وَأَظُنُّ الْحِكَايَةَ فِي تَثْبِيتِ الْإِسْلَامِ - فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولَانِ. وَلَكِنْ أَنَا أَعْلَمُ عِلْمَ الْيَقِينِ فَقَالَا: صِفْ لَنَا عِلْمَ الْيَقِينِ فَقَالَ: عِلْمُ الْيَقِينِ - عِنْدَنَا - وَارِدَاتٌ تَرِدُ عَلَى النُّفُوسِ تَعْجِزُ النُّفُوسُ عَنْ رَدِّهَا فَجَعَلَا يَقُولَانِ: وَارِدَاتٌ تَرِدُ عَلَى النُّفُوسِ تَعْجِزُ النُّفُوسُ عَنْ رَدِّهَا وَيَسْتَحْسِنَانِ هَذَا الْجَوَابَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ طَرِيقَ أَهْلِ الْكَلَامِ تَقْسِيمُ الْعُلُومِ إلَى ضَرُورِيٍّ وكسبي أَوْ بَدِيهِيٍّ وَنَظَرِيٍّ. فَالنَّظَرِيُّ الكسبي: لَا بُدَّ أَنْ يُرَدَّ إلَى مُقَدِّمَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ أَوْ بَدِيهِيَّةٍ فَتِلْكَ لَا تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ أَوْ التَّسَلْسُلُ. وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ: هُوَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute