الْبَصْرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} قَالَ: " إنَّ مِنْ أَعْظَمِ النَّفَقَةِ نَفَقَةَ الْعِلْمِ " أَوْ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: " {نِعْمَتْ الْعَطِيَّةُ وَنِعْمَتْ الْهَدِيَّةُ: الْكَلِمَةُ مِنْ الْخَيْرِ يَسْمَعُهَا الرَّجُلُ فَيُهْدِيهَا إلَى أَخ لَهُ مُسْلِمٍ} ". وَفِي أَثَرٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: " {مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةِ أَفْضَلَ مِنْ مَوْعِظَةٍ يَعِظُ بِهَا إخْوَانًا لَهُ مُؤْمِنِينَ فَيَتَفَرَّقُونَ وَقَدْ نَفَعَهُمْ اللَّهُ بِهَا} " أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا الْكَلَامَ. وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: " {أَلَا أُهْدِي لَك هَدِيَّةً؟ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} ". وَرَوَى ابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الرَّجُلُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ} " وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: " عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ طَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَتَعَلُّمَهُ لِلَّهِ حَسَنَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ ". وَلِهَذَا كَانَ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ وَاَللَّهُ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ النَّفْعِ لِكُلِّ شَيْءٍ. وَعَكْسُهُ كَاتِمُوا الْعِلْمِ فَإِنَّهُمْ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: " إذَا كَتَمَ النَّاسُ الْعِلْمَ. فَعُمِلَ بِالْمَعَاصِي احْتَبَسَ الْقَطْرُ فَتَقُولُ الْبَهَائِمُ: اللَّهُمَّ [الْعَنْ] (*) عُصَاةَ بَنِي آدَمَ فَإِنَّا مُنِعْنَا الْقَطْرَ بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ ". وَإِذَا كَانَ عِلْمُ الْإِنْسَانِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا مَرْجِعَهُ إلَى وُجُودِهِ ذَلِكَ وَإِحْسَاسِهِ فِي نَفْسِهِ بِذَلِكَ - وَهَذَا أَمْرٌ مَوْجُودٌ بِالضَّرُورَةِ - لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُخْبِرُوا عَمَّا
(*) ما بين معقوفتين غير موجود في المطبوع والتصحيح من صيانة مجموع الفتاوى (ص ٢٥٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute