للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَهْلٍ وَنِفَاقٍ. فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سُكَّانِهَا وَصِفَاتِهِمْ؛ بِخِلَافِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ مَزِيَّتَهَا صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَهَا؛ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا عَنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ نِزَاعٌ فِي جَوَازِ تَغْيِيرِهَا لِلْمَصْلَحَةِ وَجَعْلِهَا غَيْرَ مَسْجِدٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ لَمَّا بَدَّلَهُ وَجَعَلَ الْمَسْجِدَ مَكَانًا آخَرَ وَصَارَ الْأَوَّلُ حَوَانِيتَ التَّمَارِينِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ.

فَصْلٌ:

إذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَهَذِهِ السَّوَاحِلُ الشَّامِيَّةُ كَانَتْ ثُغُورًا لِلْإِسْلَامِ إلَى أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ فَتَحُوا " قُبْرُصَ " فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَحَهَا مُعَاوِيَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ اضْطَرَبَ أَمْرُ الْخِلَافَةِ وَصَارَ لِلرَّافِضَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَغَيْرِهِمْ دَوْلَةٌ وَمُلْكٌ بِالْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَغْرِبِ وَبِالْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ وَبِأَرْضِ الشَّامِ وَغَلَبَ هَؤُلَاءِ عَلَى مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ مِنْ الشَّامِ: سَوَاحِلِهِ وَغَيْرِ سَوَاحِلِهِ وَهُمْ أُمَّةٌ مَخْذُولَةٌ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ وَلَا دِينٌ صَحِيحٌ وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ. فَغَلَبَتْ النَّصَارَى عَلَى عَامَّةِ سَوَاحِلَ الشَّامِ؛ بَلْ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الشَّامِ وَقَهَرُوا الرَّوَافِضَ وَالْمُنَافِقِينَ وَغَيْرَهُمْ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ مَا أَخَذُوا إلَى أَنْ يَسَّرَ