أَنَّ كُلَّ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَرْجٍ أُصِيبَ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ - وَفِي لَفْظٍ - {أَلْحِقُوهُمْ فِي ذَلِكَ بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ} . وَلِهَذَا {لَمْ يُضَمِّنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ دَمَ الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ} لِأَنَّهُ قَتَلَهُ مُتَأَوِّلًا: أَيْ أَنَّهُمْ وَإِنْ اسْتَحَلُّوا الْمُحَرَّمَ؛ لَكِنْ لَمَّا كَانُوا جَاهِلِينَ مُتَأَوِّلِينَ، كَانُوا بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ، وَإِنْ فَارَقُوهُمْ فِي عَفْوِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ عُفِيَ لَهَا عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُغْفَرُ لَهُ الْكُفْرُ الَّذِي أَخْطَأَ فِيهِ.
فَصْلٌ:
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته فِيمَا تَرَكَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ وَاجِبٍ، أَوْ فَعَلَهُ مِنْ مُحَرَّمٍ بِتَأْوِيلِ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ، وَاضِحٌ عِنْدِي، وَحَالُهُ فِيهِ أَحْسَنُ مِنْ حَالِ الْكَافِرِ الْمُتَأَوِّلِ. وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ أُقَاتِلَ الْبَاغِيَ الْمُتَأَوِّلَ، وَأَجْلِدَ الشَّارِبَ الْمُتَأَوِّلَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّأْوِيلَ لَا يَرْفَعُ عُقُوبَةَ الدُّنْيَا مُطْلَقًا؛ إذْ الْغَرَضُ بِالْعُقُوبَةِ دَفْعُ فَسَادِ الِاعْتِدَاءِ، كَمَا لَا يَرْفَعُ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ: وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَضَاءِ مَا تَرَكَهُ مِنْ وَاجِبٍ، وَفِي الْعُقُودِ والقبوض الَّتِي فَعَلَهَا بِتَأْوِيلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute