وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ السُّلُوكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِبِدْعَةِ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْفُجُورِ الْمُتْرَفِينَ قَدْ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ إلَّا بِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ الذُّنُوبِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ إلَّا بِذَلِكَ وَهَذَا يَقَعُ لِبِشْرِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِنَابُ الْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ - مِنْ الْغِيبَةِ وَغَيْرِهَا - إلَّا بِأَكْلِ الْحَشِيشَةِ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: إنَّ أَكْلَهَا يُعِينُهُ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْعُلُومِ وَتَصْفِيَةِ الذِّهْنِ حَتَّى يُسَمِّيَهَا بَعْضُهُمْ مَعْدِنَ الْفِكْرِ وَالذِّكْرِ وَمُحَرِّكَةَ الْعَزْمِ السَّاكِنِ وَكُلُّ هَذَا مِنْ خُدَعِ النَّفْسِ وَمَكْرِ الشَّيْطَانِ بِهَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّهَا لَعَمَى الذِّهْنِ وَيَصِيرُ آكِلُهَا أَبْكَمَ مَجْنُونًا لَا يَعِي مَا يَقُولُ. وَكَذَلِكَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ مَحَبَّتَهُ لِلَّهِ وَرَغْبَتَهُ فِي الْعِبَادَةِ وَحَرَكَتَهُ وَوَجْدَهُ وَشَوْقَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِسَمَاعِ الْقَصَائِدِ وَمُعَاشَرَةِ الشَّاهِدِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ وَسَمَاعِ الْأَصْوَاتِ وَالنَّغَمَاتِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ بِسَمَاعِ هَذِهِ الْأَصْوَاتِ وَرُؤْيَةِ الصُّوَرِ الْمُحَرَّكَاتِ تَتَحَرَّكُ عِنْدَهُمْ مِنْ دَوَاعِي الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ مَا لَا تَتَحَرَّكُ بِدُونِ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ بِدُونِ ذَلِكَ قَدْ يَتْرُكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute