للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبَذَلُوا فِيهِ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. فَقَدْ يَبْذُلُونَ فِيهِ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَيَدْخُلُونَ فِي الدِّيَاثَةِ لِأَغْرَاضِهِمْ فَيَأْتِي أَحَدُهُمْ بِوَلَدِهِ فَيَهَبُهُ لِلشَّيْخِ يَفْعَلُ مَا أَرَادَ هُوَ وَمَنْ يَلُوذُ بِهِ وَيُسَمُّونَهُ حِوَارًا وَإِنْ كَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ اسْتَأْثَرَ بِهِ الشَّيْخُ دُونَهُمْ وَيَعُدُّ أَهْلُهُ ذَلِكَ بَرَكَةً حَصَلَتْ لَهُ مِنْ الشَّيْخِ وَيَرْتَفِعُ الْحَيَاءُ بَيْنَ أُمِّ الصَّبِيِّ وَأَبِيهِ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ. وَإِذَا صَلَّوْا صَلَّوْا صَلَاةَ الْمُنَافِقِينَ يَقُومُونَ إلَيْهَا وَهُمْ كُسَالَى {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا} . فَقَدْ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ وَمَعَ هَذَا فَهُمْ قَدْ يَزْهَدُونَ فِي بَعْضِ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَجْتَهِدُونَ فِي عِبَادَاتٍ وَأَذْكَارٍ لَكِنْ مَعَ بِدْعَةٍ وَأَفْعَالٍ لَا تَجُوزُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَتِلْكَ الْبِدْعَةُ هِيَ الَّتِي أَوْقَعَتْهُمْ فِي اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَإِضَاعَةِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ مِثَالُهَا مِثَالُ سَفِينَةِ نُوحٍ؛ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ. وَهَؤُلَاءِ تَخَلَّفُوا عَنْهَا فَغَرِقُوا بِحُبِّهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ. وَالسَّالِكُونَ لِلشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ إذَا اُبْتُلُوا بِالذُّنُوبِ لَمْ تَكُنْ التَّوْبَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ؛ بَلْ مِنْ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ فَقَدْ تَكُونُ التَّوْبَةُ عَلَيْهِمْ آصَارًا وَأَغْلَالًا كَمَا كَانَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا مِنْ الرُّهْبَانِ فَإِنَّهُمْ إذَا وَقَعَ أَحَدُهُمْ فِي الذَّنْبِ لَمْ يَخْلُصْ مِنْ شَرَهٍ إلَّا بِبَلَاءِ شَدِيدٍ مِنْ أَجْلِ خُرُوجِهِ عَنْ السُّنَّةِ.