للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} فَمَنْ شَنَأَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّ بِالْمَسْجِدِ أَقْوَامًا يَجْلِسُونَ وَيَجْلِسُ النَّاسُ إلَيْهِمْ فَقَالَ: مَنْ جَلَسَ لِلنَّاسِ جَلَسَ النَّاسُ إلَيْهِ؛ لَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَبْقَوْنَ وَيَبْقَى ذِكْرُهُمْ وَأَهْلَ الْبِدْعَةِ يَمُوتُونَ وَيَمُوتُ ذِكْرُهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْبِدْعَةِ شَنَئُوا بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْتَرَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَاَلَّذِينَ أَعْلَنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} فَإِنَّ مَا أَكَرَمَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَابِعِينَ نَصِيبٌ بِقَدْرِ إيمَانِهِمْ. فَمَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَلَمْ يُشَارِكْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ وَمَا كَانَ مِنْ ثَوَابِ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ نَصِيبٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ؛ وَبِالْيَدِ وَاللِّسَانِ؛ وَهَذَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لَكِنَّ الْجِهَادَ الْمَكِّيَّ بِالْعِلْمِ وَالْبَيَانِ؛ وَالْجِهَادَ الْمَدَنِيَّ مَعَ الْمَكِّيِّ بِالْيَدِ وَالْحَدِيدِ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} وَ " سُورَةُ الْفُرْقَانِ " مَكِّيَّةٌ وَإِنَّمَا جَاهَدَهُمْ بِاللِّسَانِ وَالْبَيَانِ؛ وَلَكِنْ يَكُفُّ عَنْ الْبَاطِلِ وَإِنَّمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَكِّيَّةِ. {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى