للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ} فَالشَّرْطُ يُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرُ تَارَةً وَالْمَفْعُولُ أُخْرَى. وَكَذَلِكَ الْوَعْدُ وَالْخُلْفُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: دِرْهَمُ ضَرْبِ الْأَمِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الْمَشْرُوطُ؛ لَا نَفْسُ الْمُتَكَلِّمِ. وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ} أَيْ: وَإِنْ كَانَ مِائَةَ مَشْرُوطٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَعْدِيدَ التَّكَلُّمِ بِالشَّرْطِ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْدِيدُ الْمَشْرُوطِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ} أَيْ: كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْهُ. وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا خَالَفَ ذَلِكَ الشَّرْطُ كِتَابَ اللَّهِ وَشَرْطَهُ؛ بِأَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ مِمَّا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ فَلَمْ يُخَالِفْ كِتَابَ اللَّهِ وَشَرْطَهُ حَتَّى يُقَالَ: " {كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ} فَيَكُونُ الْمَعْنَى: مَنْ اشْتَرَطَ أَمْرًا لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ أَوْ فِي كِتَابِهِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ: فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ مِمَّا يُبَاحُ فِعْلُهُ بِدُونِ الشَّرْطِ حَتَّى يَصِحَّ اشْتِرَاطُهُ وَيَجِبُ بِالشَّرْطِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ أَبَدًا كَانَ هَذَا الْمَشْرُوطُ - وَهُوَ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ - شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.