للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَانْظُرْ إلَى الْمَشْرُوطِ إنْ كَانَ فِعْلًا أَوْ حُكْمًا. فَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَبَاحَهُ: جَازَ اشْتِرَاطُهُ وَوَجَبَ. وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُبِحْهُ: لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُهُ: فَإِذَا شَرَطَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِزَوْجَتِهِ. فَهَذَا الْمَشْرُوطُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يُبِيحُ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا. فَإِذَا شَرَطَ عَدَمَ السَّفَرِ فَقَدْ شَرَطَ مَشْرُوطًا مُبَاحًا فِي كِتَابِ اللَّهِ. فَمَضْمُونُ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمَشْرُوطَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ أَوْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: أَيْ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَفْيُهُ كَمَا قَالَ {سَيَكُونُ أَقْوَامٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَعْرِفُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} أَيْ: بِمَا تَعْرِفُونَ خِلَافَهُ. وَإِلَّا فَمَا لَا يُعْرَفُ كَثِيرٌ. ثُمَّ نَقُولُ: لَمْ يُرِدْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُقُودَ وَالشُّرُوطَ الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا الشَّارِعُ تَكُونُ بَاطِلَةً بِمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِهَا شَيْءٌ لَا إيجَابٌ وَلَا تَحْرِيمٌ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. بَلْ الْعُقُودُ وَالشُّرُوطُ الْمُحَرَّمَةُ قَدْ يَلْزَمُ بِهَا أَحْكَامٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَقْدَ الظِّهَارِ فِي نَفْسِ كِتَابِهِ وَسَمَّاهُ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا ثُمَّ إنَّهُ أَوْجَبَ بِهِ عَلَى مَنْ عَادَ: الْكَفَّارَةَ وَمَنْ لَمْ يَعُدْ: جَعَلَ فِي حَقِّهِ مَقْصُودَ التَّحْرِيمِ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَتَرْكِ الْعَقْدِ. وَكَذَا النَّذْرُ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّذْرِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَقَالَ: {إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرِ} ثُمَّ أَوْجَبَ الْوَفَاءَ بِهِ إذَا كَانَ طَاعَةً فِي