للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ} . فَالْعَقْدُ الْمُحَرَّمُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِيجَابٍ أَوْ تَحْرِيمٍ. نَعَمْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَعَنْ عَقْدِ الرِّبَا وَعَنْ نِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: لَمْ يَسْتَفِدْ الْمَنْهِيُّ بِفِعْلِهِ لَمَّا نَهَى عَنْهُ الِاسْتِبَاحَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَعْصِيَةٌ. وَالْأَصْلُ فِي الْمَعَاصِي: أَنَّهَا لَا تَكُونُ سَبَبًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ. وَالْإِبَاحَةُ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِلْإِمْلَاءِ وَلِفَتْحِ أَبْوَابِ الدُّنْيَا؛ لَكِنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ لَيْسَ بِشَرْعِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِعُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ قَدْ يَكُونُ عُقُوبَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ رَحْمَةً أَيْضًا كَمَا جَاءَتْ شَرِيعَتُنَا الْحَنِيفِيَّةُ. وَالْمُخَالِفُونَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَنَحْوِهِمْ قَدْ يَجْعَلُونَ كُلَّ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ إذْنٌ خَاصٌّ: فَهُوَ عَقْدٌ حَرَامٌ وَكُلُّ عَقْدٍ حَرَامٍ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَكِلَا الْمُقَدِّمَتَيْنِ مَمْنُوعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذِهِ الْحُجَّةِ بِطَرِيقَةِ ثَانِيَةٍ - إنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا اللَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُحَرِّمُهَا