للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَوْله تَعَالَى فِي الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إذَا صَلَّى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} وقَوْله تَعَالَى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَقَوْلِهِ: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} . وقَوْله تَعَالَى {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} وَأَمْثَالِ ذَلِكَ. فَذِكْرُ رُؤْيَتِهِ الْأَعْمَالَ وَعِلْمِهِ بِهَا وَإِحْصَائِهِ لَهَا يَتَضَمَّنُ الْوَعِيدَ بِالْجَزَاءِ عَلَيْهَا كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: قَدْ عَلِمْت مَا فَعَلْت وَقَدْ جَاءَتْنِي أَخْبَارُك كُلُّهَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِخْبَارَ بِقُدْرَةِ مُجَرَّدَةٍ وَعِلْمٍ مُجَرَّدٍ؛ لَكِنْ بِقُدْرَةِ وَعِلْمٍ يَقْتَرِنُ بِهِمَا الْجَزَاءُ؛ إذْ كَانَ مَعَ حُصُولِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ يُمْكِنُ الْجَزَاءُ؛ وَيَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى مَشِيئَةِ الْمُجَازِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى شَيْءٍ حِينَئِذٍ؛ فَيَجِبُ طَلَبُ النَّجَاةِ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ إلَيْهِ وَعَمَلِ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ.

فَصْلٌ:

وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا أَقْسَمَ بـ (الصَّافَّاتِ) ؛ و (الذَّارِيَاتِ) و (الْمُرْسَلَاتِ) ذَكَرَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ. فَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ إلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} . وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي النَّازِعَاتِ؛ فَإِنَّ الصَّافَّاتِ هِيَ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ لَمْ يُقْسِمْ عَلَى وُجُودِهَا كَمَا لَمْ يُقْسِمْ عَلَى وُجُودِ نَفْسِهِ؛